زيت الزيتـــــــــــــــــون
لقد
عرف الانسان شجرة الزيتون منذ اقدم العصور، فاستغلها خير استغلال وخصتها
الكتب السماوية برفيع الذكر، فأقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم، وقدسها
أوائلنا الأقدمون، فتباركوا بعصيرها في طقوسهم الدينية سواء في عهد
الأوثنه أو بعد أن اضاء نور الأديان السماوية قلوبهم.
فهذا الزيت يمتاز عن غيره من الأدهان و الزيوت، بصفات كثيرة تعود على الانسان بالصحة والعافيه، فهو أسهل هضما من جميع الزيوت الاخرى.
فالمعلوم
ان الادهان لا تمثل في الجسم قبل ان تمر بسلسلة من التفاعلات الكيماوية
التي تحول تركيبها و تجعلها صالحة للإمتصاص و التمثل ، ويقع على الكبد
القسط الاوفر من هذه العملية . وبما أن تركيب زيت الزيتون قريب من تركيب
الادهان الموجوده في حليب الانسان فإن امتصاصه وهضمه اسهل على الجسم من
امتصاص وهضم أية مادة اخرى. وإذا كانت عملية هضم طعام دسم في المعده تتطلب
ثماني ساعات، فإن هضم وجبة مؤلفة من الخبز و الزيتون أو الزيت و الزعتر ،
لا يتطلب سوى نصف تلك المدة.
وهذا
ما حدا بالأطباء إلى توصية الأمهات بإطعام أطفالهن الزيت عندما يبدأن
بإعطائهم الخبز، لأن الخبز و الزيت يحتويان على جميع العناصر اللازمة
لتنمية أجسام الأطفال الغضة، وهذه التوصية تقوم على ما اثبته علم التغذيه
من ارتفاع القيمة الغذائية لهذا الطعام.
وفوق
هذا، فالزيت يحتوي على عدد من الفيتامينات الضرورية للأجسام البشرية،
خلافا للزيوت الأخرى. فشجرة الزيتون تتطلب سنوات طوالا حتى تبلغ اشدها،
وتقضي سنتين كاملتين وهي تمتص أشعة الشمس وتعمل على تهيئة ثمرها. فتكسبه
الفيتامين (د) بينما نجد ان زيت بعض الحبوب الاخرى التي تنمو في باطن الارض
تكاد تكون خالية من هذا الفيتامين كما هو الشأن في زيت فستق العبيد مثلاً .
كما
ان طول المدة التي تقضيها شجرة الزيتون في اعداد ثمارها، يجعل هذه الثمار
تأتي قوية، سوية التكوين ، متجانسة المحتوى، تماما كما هو الشأن في سلعة
أعطي صانعها الوقت الكافي لاعدادها واتقانها.
ونظرا
لأن الزيت يحتوي على الفيتامين ( د ) فإنه يقي الأطفال شر الكساح وتقوس
الساقين ، ويضفي على الوجه حمرة واشراقا. ويجب على الذين حرموا نور الشمس
بأقامتهم الطويلة في غرف مظلمة ، ان يتناولوا الزيت بانتظام ليستعيضوا عن
الفيتامين الذين تمنحه الشمس لهم.
كذلك يمتاز زيت الزيتون عن غيره من الزيوت باحتوائه على المواد المسماة ( ليبوئيد
) أشباه الادهان ، هذه المواد ذات الأثر الفعال في تغذية الحجيرات السامية
في جسم الانسان ، وخاصة النسيج السنجابي في الدماغ ،وبهذا يمكن اعتبار
الزيت عاملا في زيادة القدرة على التفكير وحسن المحاكمة، وهو ما اعتدنا على
تسميته بالذكاء.
وليس مستبعداً ان تكون ميزة الزيت هذه سببا فيما اتصفت به شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط من الذكاء وسرعة الخاطر والابداع الفني .
فوق
هذا، يعتبر الزيت مادة غذائية مشهية ، فإن المادة العطرية التي يحتوي
عليها تثير في الجهاز الهضمي شهوته إلى الطعام. وهذا هو السبب فيما تعارفت
عليه العامة من ادراج بضع زيتونات في قائمة المشهيات، فهي و الحالة هذه خير
من المشروبات الروحية المشهية ، التي تفتك بالجسم ببطء ، والناس يصرون على
تناولها بحجة اثارتها للشهية.
ونظرا لغنى الزيت بالفيتامين ( و ) فهو مخصب ، مقو للنسل، كما يفيد الشيوخ في منحهم القوة الجنسيه.
وأخيراً
، فالزيت من خير الأدوية الكبدية التي عرفها الانسان منذ اقدم العصور ،
فقد عرفت خواصه المفرغة للصفراء المحرضة للكبد على الافرازات ، ولذا فهو
يستعمل في حالات الحصيات المرارية الكبدية ، وفي حالات الامساك و التشنج
المعوي، فان تناول ملعقتين كبيرتين من الزيت قبل الطعام بنصف ساعة ، دواء
ممتاز من ادوية الإمساك، ويمكن استعماله ايضا في الحقنة الشرجية كمسهل
للأمعاء.
ويدخل الزيت في تركيب كثير من المراهم و المروضات ، كما تحل به بعض الأدوية التي تستعمل كقطرات للأنف.
وبإختصار ففي زيت الزيتون نار ونور ..... و دواء و غذاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق