ماذا يجب أن يأكل الأطفال
بعد أن يجتاز الطفل الأشهر الثلاثة الأولى من حياته، فإن مرحلة جديدة من هذه الحياة تبدأ، إذا كان سليم الجسم، فلا تعود حاجته إلى الغذاء مقتصرة على الحليب وحده، وإنما تتعدى ذلك إلى (وجبات) منوعة غنية، تسير به في طريق النمو بخطوات تتناسب مع قدرته الطبيعية على هذا النمو ... ولذا فلا بد من توجيه كثير من العناية والاهتمام إلى هذه المرحلة الجديدة من حياة الطفل، واختيار ألوان غذائه بشكل يحقق الفائدة المرجوة على الوجه الأكمل.
إن طريقة مواجهة مرحلة (الوجبات) في حياة الطفل تقلق كثيراً من الأمهات، ولا سيما في المرة الأولى، فهن لا يفتأن يتساءلن:
- كيف نبدأ بتطبيق المرحلة الغذائية الجديدة ؟
- متى يجب أن نزيد عدد الوجبات أو ننقصها ؟
- متى يجب أن يحدث ذلك ... وكيف تتم اضافة الألوان الجديدة من الطعام.
- كيف نحمل الطفل على قبول هذا التغير الجذري في أسلوب غذائه وماذا نفعل إذا لم يتجاوب معها.
ولكي نقدم جواباً يصلح لكل الحالات و الظروف، لا بد لنا من التأكد بأن نوفر (الجو الهادئ) للقيام بالمرحلة الجديدة من التغذية، فصحيح أن الطفل ما زال في الأشهر الاولى من عمره.
وصحيح أنه (طفل) لا يعرف الخير من الشر، ولكن هذا لا يمنع من القول انه أولاً وآخراً كائن حي، له ذوقه الخاص، وشخصيته الخاصة، وله مزاجه الذي يثير شهيته مرة، أو يجعل هذه الشهية تصدف عن الطعام مرة أخرى، وهذه كلها نقاط يتوجب على الأم ان تأخذها بعين الاعتبار عندما تبدأ بتغذية الطفل بأكثر من الحليب.
إن المرحلة الجديدة تبدأ كما ذكرنا من الشهر الثالث.
في هذا الشهر يجب البدء بإعطاء الطفل المغلي الأول فوجباته تكون سبعاً، ست منها للحليب، والسابعة للمغلي ... ويصنع هذا المغلي من مقدار ملعقة قهوة من طحين القمح، أو أي نوع آخر من الطحين الشعير. أما إذا كان يشكو الإسهال فيعطى مزيجاً من طحين القمح وكريما الأرز .
يمد الطحين بقليل من الماء (ملعقتا ماء) ثم يضاف الحليب الساخن، ويكون محلّى او غير محلّى وفق تركيب الطحين المستعمل، ثم يرفع على نار هادئة لمدة خمس دقائق، وبهذا نحصل على حساء سائل صالح للإمتصاص بوساطة المصاصة.. وإذا كان الحليب المستعمل محفوظاً، يتهيأ المغلي، ثم يمد بعد الغلي بالحليب المحفوظ، مسحوقاً كان أم مكثفاً، ثم يوضع في المصاصة ويعطى للطفل.
ويفضل ان يتناول الطفل هذه الوجبه ظهراً، وفي وجبه رئيسية ومن الخير أن يتعود على تناول وجبته الرئيسية في هذا الموعد. أما في الشهر الرابع، فتضاف وجبة ثانية من المغلي، بينما تنقص وجبات الحليب بحيث يصبح طعامه مؤلفاً من وجبتي مغلي وأربع قناني من الحليب.
وطبيعي أن كمية الوجبة يجب أن تزاد قليلاً في الشهر الرابع، بحيث تصبح 130 غراماً، ويستحسن أن نبدأ، مع بداية الشهر الرابع بإعداد معدة الطفل للتعود على نظام الخمس وجبات في اليوم، فذلك أدعى لراحة الأم، على ان يحدث ذلك دون انقاص المردود الغذائي المنشود، فنبدأ بزيادة كمية الطحين حتى تصل إلى 170 غراماً للوجبة الواحدة، فيصبح النظام وجبتي مغلي وثلاث قناني فقط، يفصل بين الوجبة والأخرى زمن لا يزيد عن ثلاث ساعات ونصف الساعة.
ومع بداية الشهر الخامس ، نبدأ بإطعام حساء الخضار، ويكون ذلك باستبدال احدى وجبتي الطحين بوجبة من حساء الخضار، تحضر على الشكل التالي:
- 130 غراماً من مغلي الخضار
- 50 غراماً من الحليب
- ملعقة من الخضار المهروسه
- ملعقة من الطحين
- أرز
- زبدة
- قليل من الملح
تغلى الخضار (بطاطا، جزر، الخ.....) في كمية كافية من الماء لمدة ساعتين ثم تضاف المقادير الأخرى الواردة آنفاً، وهناك بعض الأطفال الذين يستسيغون حساء الخضار بالسكر بدلاً من الملح، وآخرون لا يتقبلونه لا بالسكر ولا بالملح، ولذا نبدأ بتعويدهم على مذاق الخضار بإعطائهم ملعقة قهوة من مسحوق البطاطا (بوريه) أو الجزر، أو الخضار النيئة مضافة إلى المغلي أو وحدها، ويمكن الحصول على الخضار المسحوقة معبأه بعلب تباع في الأسواق أما موعد اعطائها للطفل فهو قبل وجبة الظهر المؤلفة من المغلي.
ومع بدئنا بتعويد الطفل على تناول الخضار ، نبدأ بتعويده على تناول الطعام من الملعقة، فنبدأ بالتدرج في تحويل المغلي السائل إلى قوام متماسك بعض الشيء، وذلك بأن تكون وجبة المسحوق مؤلفة من البطاطا في ثلثيها، ومن الجزر في الثلث الأخير.
وهكذا يصبح غذاء الطفل مؤلفاً من خمس وجبات وهي :
وجبتان من المسحوق (180 غراماً) وثلاث قناتي من الحليب، ولا بأس من ان نضيف إلى وجبة الظهر نصف موزة نيئة مهروسة جداً، أو مسلوقة، ومضافاً اليها السكر، أو نصف تفاحة مبشورة.
أما في الشهر السادس، فإن تغييراً جوهرياً يجب أن يدخل على نظام التغذية، فمن جهة ندخل البيض واللحم الى الوجبات، ومن جهة أخرى نخفض عدد الوجبات إلى أربع.
واللحم المقصود هو (عصير اللحم) وطريقة تحضيره هي أن نأتي بعصير لحم البقر أو الضأن المحمص المضغوط (المهبر) أو المدمى (أي قليل النضج) ونمزجه بالمسحوق بنسبة ملعقة قهوة واحدة أربع مرات في الأسبوع.
أما البيض فيسلق سلقاً جيداً ثم يخلط بالمسحوق بنسبة ملقعة قهوة واحدة، ثم ملعقتين مرتين في الأسبوع، وننتقل بالطفل إلى نظام الأربع وجبات بأن نلغي جبة الحليب التي تعطى للطفل الساعة العاشرة، ولكي يكون الراتب الغذائي كافياً في الوجبات الأخرى تكون كما يلي:
- في الصباح : مغلي مؤلف من مائتي غرام حليب، مع ملعقة حساء من الطحين.
- الساعة العاشرة : عصير فاكهة .
- ظهراً : مسحوق الخضار مع عصير اللحم او صفار البيض . أما الحلوى فهي تفاحة مبشورة، أو موزة مهروسة ومحلاة، ومربى.
- الساعة الرابعة : مائتا غرام من الحليب مع قطعة بسكويت.
- مساء : مغلي كالصباح يدخل فيه حساء الخضار .
ويبدأ الدور الأخير في تطور نظام التغذية، ما بين الشهر السابع والشهر الثاني عشر، فنحل اللحم محل عصير اللحم بمقدار 30-50 غراماً تقريباً، تضاف إلى مسحوق الخضار ظهراً، ويمكن الاستعاضة عن اللحم بالسمك الأحمر، او صفار البيض المسلوق او البرشت، وكذلك تضاف إلى هذه الوجبة قطعة من اللبن المصفّى او نصف زبدية من اللبن الرائب، بالاضافة إلى الفاكهة.
وفي المساء يستعاض عن المغلي بحساء الخضار ويكون سميكاً مع المعكرونة أو الطحين، ويعطى الطفل حلوى اقل تنويعاً من حلوى الظهيرة كالفاكهة المبشورة او الفاكهة (الخشاف) أو المربى، وتظل وجبة المغلي الصباحية كالمعتاد، وفي الساعة الرابعة يعطى الطفل حليباً مع قطعة من الكاتو الجاف، وفي الساعة العاشرة يعطى عصير الفاكهة. ويرتفع محتوى الوجبات الى (225) غراماً تقريباً لكل وجبة.
ويجب الأنتباه هنا إلى ضرورة عدم اعطاء الطفل كثيراً من الخضار إذا وجدناه يقبل عليها بشهية خوفاً من حدوث حالة بسيطة من التهيج المعائي.
ولا بد من التنويه بأن هذا النظام الذي يتدرج فيه الطفل من ست قناني من الحليب إلى أربع وجبات منوعة خلال تسعة أشهر. ان هذا النظام يجب ان يكون مرناً، يضع ذوق الطفل وحالته الصحية موضع الاعتبار، فليس ضرورياً تطبيقه حرفياً وبحذافيره، فهو ليس سوى (خطوط عريضة) للموضوع تستطيع كل ام ان تختار وفقها ما تراه ملائماً لطفلها.
فهذا النظام قد وضع للأطفال بصورة عامة، والمفروض ان جميع الأطفال يتقبلونه، فإذا ما وجدنا منهم إعراضاً عن بعض أجزائه فيجب ألا نقسرهم على ما لا يريدون، وللطبيب على أية حال الكلمة الحاسمة في الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق