الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

التفاح



التفـــــــــــــــــــــاح

 التفاح هو الثمرة الوحيدة ذات الاسطورة النبيلة والماضي المقدس ... ولكن هذه الاسطورة وهذا الماضي تفوح منهما رائحة عجيبة هي رائحة الخطيئة.

فإن هناك اجماعاً كاملاً لدى الاطباء وغير الاطباء بأنها تأتي في مقدمة الفواكه المغذيه والشافيه في آن واحد، ومن خصائص التفاح التي تجعله جديراً بالاعتماد عليه دوما ، ان اشجاره وهي من الفصيلة الورديه تزرع في اغلب المناطق سواء كانت معتدله او بارده، فنحن نراها في اكثر بلاد حوض البحر الابيض، مثلما نراها في بعض البلاد الاسكندنافيه ، كما نراها في اصقاع سيبريا القارصه، ليس هذا فقط ، بل ان التفاح لا يكاد يغيب عن متناول الناس صيفا وشتاءً على السواء .

رغم انه ينضج في الصيف وكان لتقدم وسائل التبريد الحديثة فضل كبير في احتفاظ التفاح بنضارته ونكهته طوال العام. 


والتفاح أنواع كثيرة مختلفة الألوان والأحجام والأشكال ولا تزال التجارب تجري باستمرار لتحسين انتاجه، وتطعيمه باستمرار بأجود الأنواع ولا يزال هذا الرقم في ازدياد مستمر.

إن اللذه التي تقدمها التفاحة للانسان ثلاث لذات : لذه النظرة ، ولذة اللمس ، ولذة الذوق . والتفاحة مغلفة دائما بقشر ملون تلوينا لطيفا، تمتزج فيه الالوان البيهة امتزاجا بديعا، منوعا، ضحوكا، أو ساطعا، وبراقاً كالشمس نفسها!

وجلد التفاحة صقيل ، لا أخاديد فيه ولا وبر عليه ، وشكلها المستدير يغري الكف بمداعبتها وضغطها على الخد للتمتع بلطافة ملمسها . 

والتفاحة صلبة دون قسوة، وعصيرها سكري تخالطه حموضة خفيفه، لشذاها عطر ناعم ومنوع فلا يمل الانسان استنشاقه.

وأرج التفاح فريد حقاً ولذيذ للغايه، وهو لا يتكون من عبير واحد ولا من اثنين بل من مزيج مختلف ، وفيه انواع لم يتوصل العلم الى اكتشافها بعد بدقة كاملة. 

ولكن هذه الفاكهة ليست مجرد لذه للانسان فسكرها وفيتاميناتها واملاحها والماء الذي تحتوي عليه كل ذلك يجعل منها غذاء مختارا ولكن يفتقر مع ذلك الى البروتيد والليبيد ( أشباه الزلاليات واشباه الشحوم).

ان عصير التفاح يحتوي على 10% سكراً منها 9% سكراً بسيطاً وحيداً يوجد بشكل غليكوز (سكر العنب) وسكر الفواكه، وهذان العنصران ابسط انواع السكر. وهكذا نجد ان الجسم لا يحتاج الا الى جهد هضمي ضئيل جدا لامتصاص اشباه السكاكر، ولذا كانت التفاحة ، او عصيرها غذاء يبعث النشاط ويساعد على العمل العضلي. 

وبالاضافة الى السكر البسيط فالتفاحة تحتوي على ثروة من الفيتامين (ث) المضاد لداء الحفر ذي المفعول الحاسم بالنسبة للحالة العامة للتغذيه وعلى الأغشية المخاطية للجهاز الهضمي، كما تحتوي على كمية عالية من الفيتامين (ب) المفيد جداً لعمل الجهاز العصبي، والذي يتيح استخداما كاملا للسكريات الموجوده في التفاح ، ولهذه الاسباب نجد ان عصير التفاح وعصير بعض الفواكه الأخرى ، قد احتل في امريكا وسويسرا، مكانه (كشراب للعمل) وهذه البادرة تنطوي على دلائل اجتماعيه هامه، فهي محاولة للتخلص من المشروبات الروحيه (كالخمور والبيرة ) والاستعاضه عنها بشراب خال من الكحول كعصير الفاكهه والتفاح منها بخاصة ، وان هذا الشراب انفع لصحة العمال وانجح في زيادة مردودهم.


فالواقع ان الكحول مشروب رديء لا يعطي الجسم إلا الحرارة التي لا تعرف العضلات ماذا تفعل بها . والمؤكد ان المشروبات الكحولية كائنة ما تكون من اسباب اضعاف نشاط المرء الى العمل فهي تخلق شعوراً بقوة كبيرة ، ولكن هذا الشعور لا يلبث ان يترجم الى  تعب ونحطاط جسمي. 

وقد لوحظ ان مردود العمل لا يقل بمقدار ما يكون العمل دقيقا ومعقداً ويحتاج الى تدخل الجهاز العصبي وقد لوحظ ايضاً ان ما يتضاءل ليس كمية مردود العمل بل نوعيته أيضاً . 

وحسب تجارب نجد ان المردود المادي المتوسط للعمل يقل بنسبة 15% عما كان عليه قبل تناول الشراب الكحولي بينما نجد ان 100 غرام من السكر تؤدي الى زيادة في المردود تعادل 15% تقريبا فإذا ما استهلك هذا السكر بشكل سكر فواكه، فإن المردود يزداد اكثر أيضا ً والمردود الاضافي الذي تحصل بعد ذلك يكون اكبر مما كان منتظرا الحصول عليه بالنسبة لكمية الحريرات المكتسبه للجسم . 

إن استبدال المشروبات الحكوليه بعصير الفواكه يعني بالنسبة للعمال زيادة مردودهم وتحسين صحتهم، كما ان اوضاعهم الاقتصاديه تتحسن ، كما ان نسبة الوفيات بينهم تقل.

ومن هنا نفهم الأهميه الطبيه والصحية والاجتماعية لعصير الفواكه بشكل خاص التفاح والعنب.

إن القيمة الغذائية للتفاح ليست فقط صفات سكره وغناه بالفيتامينات المذابه في الماء. إنما هي في مائه أيضاً ، فكل تفاحة حسنة النضج تحتوي على 84-85% من وزنها ماء، الأمر الذي يجعل هذه الفاكهة من افضل مزيلات العطش. 

فالواقع ان حاجة الجسم الى الارتواء لا يعبر عنها فقط بالعطش الذي يشعر به المخلوق الحي، بل في حاجة الجسم الى الدفاع عن نفسه ضد التسمم الناجم عن الفضلات والبقايا التي يطردها الماء بواسطة الكليتين والمعي و الجلد.

وهذه الحاجة الى الارتواء تبرز في عطش الخلايا الذي يهدف الى اضعاف تركيز محتويات الخلايا .

واذا كانت حاجة الجسم الى الارتواء يمكن ان تقضي بتناول ماء الانهر، أو ماء الينابيع بالأمر على خلاف ذلك بالنسبة الى عطش الخلايا، ذلك ان التبادل الخلوي يتطلب ماء آخر، داخلي في الأصل وعلى مستوى تنفسي ، أكثر مما هو غذائي ، ماء كررته الحياة مرة من قبل ، ماء هو غذاء اكثر منه شرابا، نوع من المصل الخلوي او العصارة البروتوبلازمية والذي اسميناه الماء التمثيلي الاستقلابي. 

كما ان التفاحة تساعد الهضم بكثرة اللعاب الذي تحرض افرازه، فإذا مضغت جيداً فهي تقاوم الغازات والامساك بفضل الكميات الكبيرة من البكتين التي تحتوي عليها ، أما العفص وأملاح البوتاس فإنها تقاوم تكوّن حمض البول. وفي مثل هذه الحالة يصفون مغلي التفاح الذي يحضر بتفاحتين أو ثلاث بعد تقطيعها قطعا مستديرة ودون تقشيرها ، ويجب ان يدوم الغليان 15 دقيقة ، ولا يقشر التفاح لأن لقشره فوائد علاجيه عظيمة : فهو يقاوم داء النقرس والروماتيزم المزمن ، والحصيات الكلوية والمراريه.

وقشر التفاح المجفف والمسحوق يغلى بمعدل ملعقة كبيرة في كأس ماء ليصنع منه شراب ذو فوائد كثيرة : مدرة وحالة للرمال.

والتفاح مرطب ومسهل ونقيع التفاح لذيذ الطعم جداً ، دسم ومفيد للغاية في الأمراض الحادة والالتهابية ، فهو يخفف من آلام الحمى وينفع العطش ويقلل من التألم وله مفعول مفيد على الكبد، والكليتين والمثانه بحيث يسهل عمل هذه الاعضاء جميعا، وهو يستعمل كثيرا ضد التهابات الامعاء ، بغليه لمدة عشر دقائق مع قليل من جذر العرقسوس .

وللتفاح فوائد للصدر ، فهو يهدئ السعال ويسهل افراز البلغم (مقشع).

والتفاح يسهل التقبضات المعوية بفضل البكتين ، وهو من بين الفواكه اكثرها احتواء لهذه المادة : والبكتين مادة غرويه ذات فعالية قوية ، واحيانا حاسمة ، على الاسهال.

إن القمية العلاجية لعصير التفاح تكون كبيرة جداً في امراض الحميات وفي الحالات التي تستدعي تدخلا جراحيا ،وهو مفيد قبل التدخل الجراحي أو بعده ، وكذلك في حالة التهاب الاعصاب الحاد او المزمن والوهن القلبي وامراض الكبد.

وعصير التفاح كعصير العنب له على حد التعبير (لافيلاي) فوائد جمه في صياغة الأوعيه الدمويه، فهو يقلل من سرعة عطبها ، بينما يزيد من نشاط القلب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...