البيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــض
نستطيع أن ندرك أن البيض ما زال يلعب دوره المثير في حياة انسان هذا القرن، امتداداً لسيرة أجداده الأوائل الذين كان للبيض أثره الواضح في حياتهم
إذ كانت الآراء و المعتقدات تختلف حول طريقة معرفة البيضة الجديدة ، فإن هناك قواعد ثابتة ، نستطيع أن نطبقها وأن نعرف ما إذا كانت البيضة التي نهم بتناولها صالحة أم لا
ولكي نعرف ذلك ، يجدر بنا أن نلم بفكرة عامة عن تكون البيضة ونموها رغم تعدد ظرف تربية الدجاج وتغذيته . ويمكن القول بأن الدجاج يتناول نوعاً واحداً من الغذاء ، لينتج بعده بيضاً ذا قشر أبيض أو أصفر، أو مائل إلى السمرة
أما لون الآح ( البياض ) داخل البيضة ، فيتقرر وفق كمية الخضروات التي تتناولها الدجاجة ، وكان هناك اعتقاد سائد بأن الآح الذي يميل إلى اللون القاتم يشير إلى أن الطائر الذي انتجه قد أكثر من تناول الخضار وبالتالي أودع البيضة مقادير أكثر من الفيتامين (أ) ، ولكن الرأي السائد اليوم أن من المفضل عدم الإعتماد على البيض كمصدر لذلك الفيتامين
ومن الضروري أن نشير هنا إلى حقيقة علمية ثابتة وهي أن الإختلافات الكبيرة التي تقع في تركيب البيضة من الداخل ليس لها أدنى تأثير على لون قشرتها، وهذه ناحية هامة يجب ألا تغرب عن بال المستهلك الواعي أما أسباب تلك الإختلافات فلا علاقة لها في نظر الطبيعة بأن انساناً ما يريد الحصول على مادة أساسية في صنع كعكة لذيذه ، أو طبق شهي ، لأن الأساس الذي تقيم عليه الطبيعة انتاجها للبيض هو بجملة واحدة الرغبة في انتاج طائر آخر، بوساطة بيضة مخصبة
إن البيضة المخصبة تحتاج إلى حرارة مقدارها 104 فهرنهايت ،أي ما يقرب من حرارة الدجاجة نفسها ، فإذا رقدت الدجاجة الأم على بالبيض مدة ثلاثة أسابيع فقست البيضة وأخرجت إلى الدنيا دجاجة جديدة. على أن جرثومة الحياة لا تنتظر الحضانة في الغالب ، فإن حرارة تصل إلى 68 درجة فهرنهايت ، وأيام الصيف كفيلة بتوفيرها كافية لكي يبدأ الجنين بالتكون، ونستطيع بعد ثلاثين ساعة في مثل هذه الحرارة أن نميز خفقان قلب الجنين الذي لن يفقس في مثل هذه الظروف ، رغم حاجته إلى مجال أوسع للحياة
ولقد استطاع الإنسان على مر العصور أن يدجن دجاج الغابة وأن يحمله على تخصيص كل وقته لإنتاج البيض حتى بات المتوسط السنوي لإنتاج الدجاجة العادية هو مائتا بيضة على الأقل، ورغم هذا فإن أحداً ما لم يتمكن من وضع حل مؤكد لمشكلة تكون الجنين في البيضة حتى أصبح تجار البيض يختارون البيض غير المخصب من الدجاج الصغير السن لتفادي تلك المشكلة
فالحرارة المرتفعة هي أهم الأسباب المؤدية إلى حدوث تلك الإختلافات الكبيرة داخل البيضة ، سواء كانت البيضة مخصبة أم لا، وهذه حقيقة عرفها تجار البيض فعمدوا إلى جمعه أربع مرات يوميا ، ووضعه بسرعة في سلال من السلك داخل غرف التبريد، قبل أن يضعوه في صناديق التعبئة و التصدير ، بعد اجراء الفحص اللازم له ، للتأكد من أنه خال من الشوائب التي تثير نفور المستهلك، ولكن المختصين بفحص البيض كثيراً ما يخطئون مما يؤدي إلى سخط المستهلكين الذين تقع البيضة غيرالسليمة في أيديهم ، وتبذل الآن جهود كبيرة لصنع أجهزة بسيطة ورخيصة تعتمد على تعريض البيضة للنور وسط محيط مظلم ليستعملها تجار البيض ويتأكدوا من خلو البضاعة من بقع الدم و الشوائب الأخرى التي كثيراً ما يفاجأ المستهلك بوجودها
يعتقد أن الوراثة لها دور هام في وجود بقع الدم في البيض، وهناك أنواع من بيض الطيور تظهر فيها بقع الدم أكثر من غيرها ، فما هي هذه البقع ، ولماذا تظهر في البيضة ؟
قد يحدث أثناء تكوّن البيضة نزف دموي يؤدي إلى وجود بقعة من الدم يتراوح حجمها ما بين رأس الدبوس أو ملء ملعقة صغيرة من الدم نراها في الآح أو الزلال ، ومع أن هذا لا يسبب أي ضرر على الإطلاق للمستهلك ،فإنه يثير نفوره من البيضة كلها دون أن يفيد في إزالة هذا النفور علماً أن أية شريحة لحم يأكلها تحتوي على كمية من الدم أكثر مما وجده في البيضة ، فوجود الدم في البيض لا يعني بالنسبة للمستهلك سوى شيء واحد : إن في البيضة جنيناً ، لا أكثر ولا أقل
إن تكون البيضة هو بحد ذاته قصة مثيرة تشهد بعظمة الخالق وبدعة تكوينه فمنذ نزول المح ( الصفار ) من مكان تجمعه ودخوله إلى قناة البيض قناة فلوبيوس تجر عمليات تجمع واضافة مستمرة طوال الطريق
فالآح عبارة عن طبقات مركزة من مادة الغذاء التي يمتصها الجنين قبل خروجه من البيضة . ويحتوي الآح على مواد دهنية ، وعلى ليفيتين وليستين وفيتالين وكولسترو بالإضافة إلى المادة الملونة وجميع مركبات الحديد و الفوسفور
و المح أي الصفار أكثر ما في البيضة من غذاء لأنه يحول أكثر المواد الحيوية الضرورية لغذاء الإنسان ومادتا الحديد و الفوسفور موجودتان بشكل عضوي سهل الهضم و التمثل ، وتداركهما عن طريق هذه المادة الغذائية أجدى وأنفع من جميع مركبات الحديد و الفوسفور المختلفة الأسماء . علاوة على ذلك فمح البيض يحوي أكثر أنواع الفيتامينات المعروفة (آ، ب، ث، د، هـ) أما المادة الطافية على سطح المح فهي حويصلة النطفة ، ومهما اديرت البيضة فإنها تبقى على السطح، ويمكننا تميزها عند فتح البيضة الطازجة على شكل بقعة ضاربة للبياض، وان كان وجودها لا يعني أن البيضة مخصبة بالضرورة ، اذ لا يمكن معرفة قدرة البيضة على الإخصاب من عدمها إلا عند بدء عملية التفريخ، ومتى تمكن العلم من معرفة مدة قدرة البيضة على الإخصاب قبل بدء العملية ، فإن ذلك معناه انقلاب كامل في اسلوب بيع وشراء وتفقيس البيض، مما يوفر أموالاً طائلة تهدر الآن على غير طائل بانتظار أن تقدم البيضة نفسها دليلها الحاسم مخصبة أم لا
إن الزلال أو الآح الذي يوجد في البيضة هو نتيجة ترسبات تحدث خلال مرور المح في الجزء العلوي الضيق من قناة فلوبيوس ( قناة البويضات ) وهذا الزلال يوصف كيميائياً بأنه : سائل بروتئيني متخثر . وعلى جانب من القلوية ، ويشكل الماء نسبة 85% منه وتكون الطبقات المترسبة الأولى كثيفة وعلى شكل زلالي مفتول كالنوابض لإبقاء المح في مركز البيضة ، ولحمايته من التلف في حال تعرض البيضة لهزات عنيفة، وإذا كان البعض يظن أن هذه الطبقة يحيطة شوائب معيبة في البيضة هذا الظن خاطئ ، لأنها ليست كما ذكرنا إلا جزءاً من الزلال كثيفاً بعض الشيء
أما الطبقة الثانية من الزلال فهي أقل كثافة من الأولى، وتختلف عنها في أنها خالية من المادة الغرائية التي تسبب كثافة الطبقة الأولى ، ثم تليها طبقة كثيفة أخرى ثم طبق
غير كثيفة ، ثم غشاء رقيق
ويشغل الآح ( البياض ) معظم جوف البيضة وكلما تقادم على البيض تبخرالماء من الآح بسبب تمدد مسام القشرة وتخرب الطبقة الرقيقة الواقية ، ويوم ولادة البيضة يكون الآح مالئاً لجوفها و الفراغ معدوماً وفي خلال الأسبوع الأول يبدأ تشكل الجيب أو الحويصلة ، وتقع الحويصلة الهوائية في الجزء الأكبر من البيضة ، فإذا كانت البيضة طازجة صعبت رؤيتها ، وكلما تقادم العهد عليها فقدت جزءاً من رطوبتها فيزداد حجم الحويصلة الهوائية ، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نعرف عمر البيضة من حجم الحويصلة الهوائية ، فإذا وضعت البيضة في الماء مع قليل من الملح وكانت الحويصلة الهوائية كبيرة طفت البيضة على السطح، وهذا معناه أن البيضة قديمة ، أما إذا رسبت البيضة كان معنى ذلك أن البيضة طازجة لأن الحويصلة الهوائية صغيرة
ولمعرفة عمر البيضة بالدقة تذاب ملعقة ملح صغيرة في كأس ماء كبيرة ، فإن غاصت البيضة إلى القعر فهي حديثة لم يبلغ عمرها عشرة أيام ، وإن سبحت فيه فعمرها دون العشرين يوماً ، وإن طفت على وجهه فقد جاوزت ثلاثة أسابيع
ونظراً لغنى البيض بالأملاح المعدنية وقلة مردوده الحروري فإنه يوصف لمن يتبعون نظاماً خاصاً لتقليل الوزن، ويتضح مما تقدم أن البيض غذاء مفيد جداً ، وجميع عناصره قابلة للإمتصاص سهلة التمثل وهو يعادل اللحم في قوة غذائه، بل يفوقه بوجود بعض عناصر غير موجودة في اللحوم ، وأسهل أنواعه هضماً النوع المسمى البرشت والنوع المسلوق أسهل هضماً من المقلي، ويتحمل الرضيع البيض ، وتتقبله معدته كمادة غذائية عندما يبلغ الشهر التاسع من عمره
وليحترس من أكل البيض المكبودون ( أي المؤروفة أكبادهم ) و المتصلبة شرايينهم ، والذين يشكون حصاة المرارة ، والمصابون بالتهابات الكلى فإن هذه المادة الغذائية تعمل عندئذ في اجسامهم تخريباً و تنكيلاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق