الـــــــــــــدجـــــــــــــــاج المشـــــــــــــــــوي
بإستطاعة بقية أصناف الطيور - كالبط و الإوز و الرومي و الفرعوني و الحمام - أن تحتل مكانها المرموق في عالم التغذية ولكنه لن يكون من الرفعة بحيث يصارع مرتبة الدجاج
وليس لنا أن ننصح بالإمتناع عن تناول أي جزء من أجزاء الطيور . غير أن الأمر يتعلق بكمية الشحم الموجودة في الطير. فالاوز مثلاً يحتوي على 30% من المواد الشحمية ، لذلك لا ينبغي له أن يقدم لمصاب بالروماتيزم أو بمرض الكبد ، ولطريقة طهو هذه الطيور أهمية لا تنكر. فالنوع الذي يطبخ منها بالمرق وحتى بالفرن لا ينصح به من كانوا يشكون بطئاً في الهضم أو رقة في الأمعاء . ومثل هذا القول يمكن أن يقال عن حساء الدجاج المكتنز بالشحم أو الاوز السمين
كما أنه ينبغي أحياناً ، تجنب تناول الطيور الباردة . ذلك إن مثل هذه اللحوم تكون عرضة أن تعشش فيها الجراثيم إذا ما اسيء حفظها حفظاً جيداً في الثلاجات وقد ينجم عن تناولها اصابة بالاسهال
ويبدو أن أفضل طريقة لإعداد الدجاج للأكل هي شيه ( بالسيخ) فيفضل هذه الطريقة يفقد الطير معظم دهنه ولاسيما ذاك الذي يغلف عضلاته كما أنه لا ينغمس في دهنه المذاب
إن مشكلة الطيور هي مشكلة تربيتها قبل كل شيء. فبينما نرى الثور أو الخروف لا يتناول إلا علفاً معينا نجد الطيور من الشراهة ولهم حظ وافر بحيث لا توفر أي شيء يقع في متناول مناقيرها. ولعل في سهولة تربية هذه الطيور وسرعة نموها واكتنازها ما يغري المرء بها اغراء لا يقاوم
علماء التغذية وأساليبهم
لنلق نظرة على أساليب التربية بالالآت التي تسمى حديثة
ما أن تفقس البيوض وتخرج منها الفراخ حتى توضع في أقفاص مكيفة الحرارة . وتعمل الحرارة الثابتة و البعد عن كل تيار هوائي وانتظام التغذية ، تعمل هذه الظروف عملها في سرعة نمو والفراخ وتركيز هذا النمو. غير أن الإنتخاب الطبيعي ، الممثل في كل مخلوق حي ، لا يجد له مجالاً هنا للظهور مطلقاً ، ذلك أن تلك الشروط تساوي في النمو بين مختلف الفراخ
و تبدأ المرحلة الثانية ، المعروفة ( بالتسمين الشديد) وتتميز هذه المرحلة بأساليبها القاسية قسوة عجيبة : فالطائر يحرم من كل حرية في الحركة فهو موضوع في جهاز يسمى البطارية وهذا الجهاز أشبه بخزانة حقيقية ذات رفوف بعضها فوق البعض الآخر، بحيث لا يجد الطائر أي مجال للحراك أوسع من مد عنقه إلى المعلف . وهكذا يهبط انفاق القوة الجنسية عنده إلى حده الأدنى فهو لا يستطيع اضاعة أية طاقة دون جدوى ، ولقد أخذت هذه الطريقة تعم في السنوات الأخيرة حتى كادت أن تشمل جميع مزارع تربية الطيور. أما أن يسمح لدجاجة صغيرة بالركض طليقة حرة فهذا ما يعتبره المربون جنوناً مطبقاً ! فالعضلات التي تتحرك تفقد من طاقتها التي يجب أن تستغل في تنمية هذه العضلات بدلاً من تركها تتبدد
وكان لا بد لهؤلاء المربين من التنازل عن فكرة تغذية الطيور لمدة 24 ساعة في ال24 ساعة لأنهم لم يستطيعوا، حتى الآن على الأقل، أن يخلصوا الطيور من العادة السيئة ، العادة الوراثية ، التي تفرض على الطيور الإخلاد إلى المرحلة أثناء الليل أو النهار! ولكن ماذا يهم ! ألا يكفي انهم استطاعوا دفع الساعات دفعاً ، واختصار الأيام اختصاراً
فالوقت لم يعد العنصر النسبي الرئيسي لنمو دجاجاتهم . وهذه الدجاجات لم تعد تخضع للنظام الشمسي الطبيعي فهي قد ترى الفجر ينبثق مرة كل ست ساعات أو أربع فتنهض وتندفع إلى غذائها . وما أن تبلغ الدجاجة الشهرين من عمرها حتى يلعب هذا الأسلوب دوره الهام في نموها فتجد أنها قد اكتنزت بالشحم
وهكذا نجد أن الطائر العصري لا يعرف له اماً ولا يتمتع بحرية ولا يرى أشعة الشمس فيصبح وحشاً حقيقياً تكون وعاش خارج الزمان و المكان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق