هل يوجد في مرق اللحم عظـــــــــــــــــام
من المفاهيم الطبية المتعارف عليها و المتوارثة أباً عن جد ، إن مرق اللحم يحوي جميع خلاصات اللحم وجل فوائده ، مع أن الحقيقة التي لا جدال فيها ، هي أن لاخير في المرق ولا فائدة ترجى منه كغذاء بروتيني، اذ ما هو إلا عبارة عن ماء مملح بأملاح اللحم وشيء من الدهن لا أكثر ولا أقل
وهذا المفهوم الطبي المغلوط، شائع في كل مكان، ودارج على كل لسان، فإذا ارادت سيدة أن تغذي ابنها أو مريضها وكان ناقهاً من مرض ، عكفت على سلق كمية كبيرة من اللحم ثم جعلت بتكثف هذا المرق بتركه عل النار الهادئة زمناً طويلاً، زعماً منها أنه كلما طال سلقه تكثفت خلاصات اللحم في مرقه
وإذا شكا امرؤ من عجز في معدته عن هضم الطعام أو شكا فقر فمه من الأسنان لهضم الطعام، تبرع من حوله حالاً فقال: خذ يا أخي نصف رطل من اللحم وقل لأهل بيتك أن يسلقوه على نار خفيفة ودع مرقه يغلي حتى يغدو مخثراً، فتكون بذلك غذيت جسمك وأرحت فمك ومعدتك. وما علم هذا المتطبب الكريم، أنه بوصفته هذه قد حرم مخاطبه من كل غذاء ، لأن قوام اللحم المواد ( البروتئينية ) وهي صنف من أصناف المواد الزلالية ، و الزلال عادة كالبروتئين لا ينحل في الماء البارد فضلاً عن الماء الحار
ومثل سالق اللحم لاستخلاص خواصه كمثل انسان وضع البيض المسلوق بعد رفع قشرته الكلسية طبعاً وضع هذا البيض المسلوق في الماء وراح ينفخ النار تحته منتظراً أن تنحل خلاصات زلال البيض في الماء ليشربه، وما يشرب إلا الماء ورائحة البيض المكبرته
والمعروف طبياً أن اللحم ، لا حتوائه على (البروتئينات) غير المنحلة يبقى لحماً
بآزوتاته وبروتئيناته إذا سُلق، ولا ينحل منه بتأثير الحرارة سوى الأملاح المعدنية ، وقليل من ( الجلاتين ) لا بل أن تخثر الزلال فيه يزداد كلما ازدادت الحرارة ارتفاعاً
يتضح لنا مما سبق، أن ليس للحساء ( الشوربة ) قيمة غذائية تذكر، عدا ما تحويه من بعض قطرات الدهن الطافية على وجهها و الأملاح المنحلة فيها ، و القليل من الأرز أو الخضار التي تمزج عادة بها
وقد يتساءل القارئ الكريم عن مغزى نصيحة الأطباء للمرضى باستعمال الشوربة وحكمة استعمالها أيضاً في مستهل وجبة العشاء
فقد درج الناس في المطاعم و الفنادق وفي البلاد الغربية على افتتاح وجبة العشاء بالحساء لحرارتها، ولاحتوائها على الأملاح و التوابل. فهي بذلك تنبه الغشاء المخاطي للمعدة ، وهذا يؤدي إلى افراز العصارة المعدية الهاضمة ، وبالنتيجة فهي تقدم كمادة مشهية ومقبلة. وينصح الأطباء مرضاهم بتناول الحساء اذا ما أصيب هؤلاء المرضى بالحميات أو بأمراض جهاز الهضم ، لأن الأمعاء تتعطل أثناء المرض عن القيام بوظيفتها، فيقوم آنذاك الحساء بمهمة تنبيه غشاء المعدة المخاطي وبمهمة التغذية البسيطة بالتدرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق